عاطلة ؟ فريسه سهلة للإستغلال السريع #مُتطوع_مُستغل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مضى وقت طويل منذ أن كتبت تدوينة جديدة، ولا أصدق انني سأكسر هذا الصمت الطويل بتدوينة كئيبة كهذه.

“الإستغلال باسم التطوع”

وهو مجرد عنوان فضفاض وبسيط لطرق الإستغلال التي ازدهرت حالياً تحت أغطية براقة وتعمي عين المستهدفين باسماء براقة وأساليب ملتوية جاذبة كُلها وعود مستقبلية لا أساس واضح لها.

بداية قصتي مع الإستغلال طويلة، فقد عملت مع متاجر إلكترونية لتحديد اهتمامات جمهورهم وإيجاد منتجات تناسب مزاجهم وميزانيتهم دون أن أنتبه أن ما أفعله يعرضني لإستغلال خبرتي مقابل لاشيء، حرفياً لاشيء، ولاحتى عطوني هدية من متجرهم xD

أيضاً عبر العمل في مواقع العمل الحر حيث قدمت عروضاً مالية لاتعكس الجهد المبذول في المهام وهذا خطأ من ناحيتي لأني لم أعرف انهم يستغلون عدم معرفتي وجهلي بالسوق وتسعيراته لأعمل بنصف بل وبربع السعر المفترض إعطائه لمن ينفذ نفس المهمة في السوق.

ماحدث مؤخراً أهالني صراحة. إذ انه أكبر من مسألة جهل شخص يعمل واستغلاله. بل كيف يأتي الشخص ويؤطر عمليته الإستغلالية بشكل “مفيد، ومهم بل وأساسي لخدمة المجتمع”!

مثلاً تطلب مني أن أكتب لها فصل كتاب كامل بشكل تطوعي عن الخياطة بكل شروحاتها دون أن تدفع لي ريالاً واحداً لأنها تريد سد ثغرة في الكتب العربية. طيب نسبة ربح ؟ لأ أنا اللي بطبعه وبسوق الكتاب.

لكنك تستغليني؟ منقال هذا! الكل موافق ومستعدين ولدي مايكفي من الكُتاب المتطوعين لصنع الكتاب لي حتى أبيعه.

رائع صحيح؟ واضح الإستغلال تماماً في هذا الموقف. لكن هناك مواقف أخرى صعب تبين الإستغلال فيها، وهي عندما تأتي مؤسسة ربحية بالكامل وتطلب “متطوعين” يعملون بشكل جزئي في أورقة فعالياتها دون أن تعوضهم مادياً على جهودهم تحت مظلة “التطوع والإفادة المجتمعية” بينما هي بالواقع وفرت آلافاً مؤلفة من رواتب المنظمين والمنسقين للفعاليات التي تنظمها وحطتها كلها في جيبها مقابل ورقة أو ورقتين شكر للشاب المتحمس المسكين.

أيضاً يوجد مثال آخر، حيث يأتيك مسؤول ما، بمنصب وشهادة وخبرات كبيرة، ليطلب منك أن تمحور فكرته العائمة لمشروع متكامل جاهز للإصدار والتدشين في غضون شهرين أو ثلاثة في أعلى تقدير، على وعد مطاط بأن تكون “مديراً تنفيذياً” أو “مشاركاً في النسب المستقبلية” دون أن يوضح لك طبيعة هذه النسب أو حتى يوافق على توقيع أوراق رسمية مختومة تضمن لك حقك. هذا النوع من الإستغلال منتشر بكثرة، وأراه يحدث لي، لأفراد من العائلة، بل ولأصدقاء مختلفين في الإنترنت دون أن يفقهوا أن أولئك البشوت المبتسمة ذوي العبارات المنمقة والوعود الكثيرة حصلوا على قوى عاملة مجانية وذات خبرة ليقوموا بعمل كان ليكلفهم الكثير من رأس المال.

لماذا أسرد هذه الأمثلةً في المدونة إذاً؟

لأني شخص يسهل استغلاله، أقولها صريحة، فأنا أعرف نفسي وحماستي ومحبتي لخوض غمار أي فكرة جديدة. ولأني انساق دوماً تحت شعار “افادة المجتمع” حيث يعميني هذا عن أي انتباه لحقوقي المهدرة أو اساليب الإستغفال التي تُحاك فوق رأسي.

حاول أحدهم مرة أن يسرق رقم هوتي ليضيفني كأحد العاملين له دون موافقتي في التأمينات الإجتماعية

وحاولت أخرى أن أطرز لها الملابس التي تصممها بأقل من 100 ريال سعودي بينما تربح مالا يقل عن 1500 للفستان الواحد

حاول ثالث أن أترجم له مجلدات كاملة بخمسة دولارات فقط ( تقريباً18 ريال ) وابيع حقوقي له بهذه الريالات كمان ليربح هو من كل مجلد 150 ريالاً على الأكثر و80 ريالا على الأقل. ” للمجلد الواحد لسلسلة تعتبر من أكثر السلاسل بيعاً وتحصل على مالا يقل على ثلاثة ملايين شهرياً في لغتها الأصلية”

رابع أرادني أن أحلل له السوق بشكل مفصل، وأصيغ له اعلانه الخاص وأصمم له كيفية عرض منتجه وأصوره وأعلن عنه في حسابي بالأنستغرام مع ضمان أن متابعي سيتابعونه ويشترون منه بخمسين ريالاً فقط وأتبعها بكلمة ( دفعت لك حقك).

أيضاً أحدهم أعطاني فكرة اشتهرت كثيراً في السنوات الأخيرة في الويب العربي وبدأ بتلميعها كأنها الفكرة الوحيدة الجديدة في الكون والتي علي أن أتمسك بها لأني سأربح الآلاف مستقبلً “تكرار كلمة ستربحين وستربحين يعني أنه يستغلك ولايريدك أن تعلمي بذلك ومع ذلك يكرر هذه الجملة لأنه غير واثق من أنك ستستمرين معه دون طلبك لمستحقاتك”.

بالطبع الشخص السابق أرادني أن أضع خطة عمل، وهوية، وخطة تسويق مع تحليلها وموقع متخصص له مجاناً وغضب بشده عندما أخبرته بأني لا أريد العمل مجاناً وأرغب بمبلغ رمزي مقابل عملي المكثف له وبالكاد وافق وبترفع ومن يومها ماكرر نفس الطلب الذي رغبت بمبلغ عنه بل أعطاه شخص آخر بالفريق أمام عيني xD

بالطبع استوعبت الوضع وانسحبت من العمل مباشرة. فأي صاحب فكرة غير مستعد لإعطاء فكرته وقتها أو المال الذي تستحقه لتتبلور ويريد منك.أنت أن تعمل مجاناً بوعود مستقبليه فهو مستغل وبجيح في استغلاله ايضاً. بل تأكد انه لم يأت إليك إلا لأنك تملك الخبرة والعمل الجيدين الذي يجعله مرتاح لإستغلالك بسبب عدم ثقتك بنفسك أو جهلك لحقوقك. فلو تركته وبدأت بعملك الخاص قد تنجح حقاً دونه لأنك بكل بساطة تعرف مالذي تعمل عليه. ولا ينقصك سوى الثقة الشخصية بنفسك وبقدراتك.

وإن كُنت رسامة أو مصممة فالوضع أدهى وأمر بطلبات التصميم للشعارات والهويات المجانية عشاننا تونا بادين ( ولا أعرف لماذا يظن البعض أنني مصممة، لماذا لايبحثون جيداً قبل أن يرسلوا نصوصهم الطويلة العريضة؟ )

هذا ما أتذكره من أساليب الإستغلال التي مرت علي خلال حياتي الإنترنتية، وهي أقل بكثير من الواقع، لكن شكراً لنسياني الكثير والمستمر، لستُ مضطرة لإجترار كُل ذكرى والبكاء على الجهد والطاقة المبذولين.

كتبتُ هذه التدوينة لأشارككم تجربتي، داعية ألا يمر أي منكم بتجارب مماثلة. وإن كنت في خضم تجربة كهذه، انسحب، فوقتك أهم، وطاقتك ثروة، لاترمها في يد أي مستغل!

‏لا تهدر طاقتك في الامور التافهة

أنت في الإنترنت، وكل ماتحتاجه هو الثقة بنفسك والمغامرة، والكثير من البحث في قوقل عن مجالك ❤️

ودائماً اطلب حقك دون خوف، أطلب ماتراه مناسباً لجهدك، لايهمك نبرة صوتهم الغاضبة والمستأسدة، فهم لم يأتوا إليك إلا لميزة جذبتهم وجعلتهم . يحاولون ثنيك عن حقك ليستغلوك براحة وبرخص شديد

لديك تجارب استغلال تعرضت لها؟ شاركنا إياها! لعلنا نتعلم كيف نتفاداها مستقبلاً ان تعرضنا لموقف مشابه