فكرة غريبة : اتجاه لغتك يحدد اتجاه بصرك؟

أحيرة أم وصول؟

فيه نقطه مأرقتني لفتره طويله. وهي تأثير الكتابة على طريقة الشخص في النظر إلى الصور والأشياء..

مثلاً في صورة التدوينه إيش اول شي وقعت عليه عينك؟

اللوحات الإرشاديه صح؟ ماتحس ان باقي الصوره فارغ بشكل مزعج ؟ أعني اللوحات توصلك لموضوع الضياع والبحث عن الطريق. لكنها أول شيء وقعت عليه عينك.

ماذا لو بدأت بمشاهدة الصورة من الجهة الأخرى، من اليسار لليمين، من المسافة الفارغة إلى اللوحات الأرشادية.. موضوع الصورة بدأ يتضح ولم يعد الفراغ مساحة زائدة ومزعجة صحيح؟ وكأنك تبحث في الفراغ لتصل إلى خيارات مُحيرة.

الأمر غريب، وممتع، ومثير. لماذا المُصور اختار أن تكون اللوحات في أقصى اليمين؟  لماذا استطعنا أن نصل لفهم مختلف بشكل قليل جداً بالنظر للصورة من إتجاهين مختلفين؟ أي إتجاه قصده المصور؟ أي معنى مُحدد بالذات؟

-الصورة لموقع إنجليزي بالمناسبة يخبرك بأن عليك ترك البحث عن المطاعم والحيرة وأنهم سيتكفلون بإيصالك لما تريده: رابط الموقع  –

Torii Kiyotada I Courtesan Adjusting a Comb in Her Hair

مثلاً اليابانيين وإحنا العرب، نكتب من اليمين إلى اليسار، لذا  لما نضع عيننا على صوره أو رسمه فتلقائي نبدأ نسوي سكان للصوره من اليمين إلى اليسار. فغالباً يكون اليمين فاضي واليسار مشبع بالتفاصيل أو بالمنتج اللي يصوره الشخص الياباني\العربي.

بينما متحدثي اللغة الإنجليزية أو اللغات اللاتينيه بشكل عام، فنظامهم البصري يبدا من اليسار لليمين، لأن نظام الكتابة يتطلب عليهم ذلك، فتشوف في الصور اللي يصورونها أن الجزء الأيسر غالباً يكون الفاضي بينما الأيمن يكون اللي فيه العناصر ..

طبعاً هذا مو قاعده أو علم أو دراسه، لكن متابعه انتبهت لها بشكل أكبر لما دخلت كورس التصوير ولاحظت أن الأستاذ أحياناً يقول أن الصوره “ زحمه “ أول ماتشوفها بعدين تفضى والمفروض العكس.

بينما أنا أشوف ان الصوره فاضيه وبعدين تمتلي عناصر وأستغرب جداً من شرحه ومع الوقت انتبهت أنه يبدأ بالشرح من يسار الصوره إلى يمينها ويحللها على هذا المنوال.

الشي الغريب من جد في تقنيات التصوير مثل  تقنيه  “ الإرشاد” يعني تكون عناصر الصوره ترشدك إلى الموضوع اللي تبي تبينه للمشاهد: وكل الصور اللي ورانا إياها تكون عناصر الإرشادية هذي تبدأ من يسار الصوره تقريباً. وهذا يضحك لأني واجهت صعوبه أفهم الـ “ أول ماتحط عينك ترشدك إلى العنصر”.

لأن أول شي يطيح عيني عليه هو العنصر نفسه بعدها انتبه لعناصر الإرشاد اللي تكون في نهاية بصري أو في نهاية المكان ..

الأمر ممتع ورهيب، وأحب أشكر وثائقي موجة كونوقاوا العظيمة اللي نبهني لهالأمر، لأن الرسمة كانت مصممة بحيث أن الشخص اللي يشوفها، يركز على يمين الرسمة إلى الصراع القائم في يسارها. فالتدرج بالصراع مناسب للمشاهد الياباني اللي نظامه البصري من اليمين لليسار،

بينما المشاهد الغربي “ المقدم اللي كان يشرح” اضطر يقلب الصوره حتى يشرح الموضوع بشكل مفصل ويبين العظمه فيها…

فأول ماتضع عينيك على الصورة تلاحظ القوارب  وصيادي التونة الذين يعملون بجد ويصارعون بشكل واضح الموج الذي يبتلعهم من كل جانب، لتصدم بعدها بملاحظة موجة التسونامي التي تكاد تطبق بفكيها عليهم، مترقبة لحظة مناسبة للإنقضاض على الصيادين وسفنهم سواء.

فتنتبه أولاً للصراع بين الصياد وركبه، ثم الصياد والموج، ثم الصياد والموجة العظيمة المطبقة. فتجدك تبتلع موضوع الصورة مرة واحدة بشكل مريح وسريع لأن اتجاه عينيك مطابق لإتجاه عيني هوكوساي الذي يكتب من اليمين لليسار : حتى توقعيه وضعه في نهاية اللوحة، يسارها ;p

 في رسمة مونيه

 Water Lilies

أنت كمشاهد شخص متسلل يطل على الورود السابحة بهدوء…

لو بدأت النظر من الزاوية اليسرى السفلى، ستجد كشخص يبحر مع الورد ويصل إليها في أقصى اليمين وتنتهي بمتعة تتذوقها بإنتهاء بصرك إلى موضوع الرسمة والجمال المطلوب الإمساك به ..

بينما لو بدأت مشاهدتك من الزاوية اليمنى اليسرى، ستجدك تتذوق الموضوع أول شيء تقع عليه عيناك، ثم مساحات فارغة تفسد التماسك والتواصل مع باقي عناصر الرسمة.

أيضاُ في لوحة

The Rejuvenation of Time

لسيلفادور دالي تجد نفس الأمر.

فعندما تبدأ من اليسار لليمين، تستطيع أن تفهم موضوع اللوحة وعبثية الوقت مباشرة، فالساعات المعوجة تصدمك كأول عنصر تقع عليه عيناك، ثم تنظر لباقي الرسمة في الجزء الأيمن وتجد مايفترض به أن يكون آثراً لإعوجاج الوقت وعبثتيه، وهو الطبيعة التي لاتمارس الزمن كما نمارسه، وتصاب بنوع من الحيرة والإستغراب والضياع في اللوحة، كما طلب منك بالضبط، فماهو الزمن؟ ماهي الحياة؟ أعوجاج الخيل أو الإوزة في الإسفل، الشجرة التي نبتت على طاولة خشبيه. تبدأ عينك بصدمة الزمن ثم تعود للنقطه الأولى وتلاحظ بشكل أكبر الآثار التي لم تلاحظها في نظرتك الأولى.

بينما لو بدأت مشاهدة اللوحة من اليمين لليسار، فالأمر مختلف قليلاً، وكأن الزمن حُصر وانحصر في زاوية صغيرة فسد نظامها مع الحياة الطبيعية يمين اللوحة..

ولا راح أكذب مابديت أفهم اللوحة إلا لما قررت أركز وأشوفها من اليسار لليمين، على عكس العادة من اليمين لليسار …

---

شي مُثير للتفكر…

ومتعب لأن كلما صورت شي أنتبه بعدين انه مايناسب للكتابة العربيه بينما تصبط الصوره تمام لو غيرت لغة الكتابة للإنجليزية.إذاً لازم انتبه لزاوية التصوير المناسبة للمشاهد “ ونوعية هالمشاهد”.

الموضوع يذكرني بشكل كبير في علاقة اللغة بالتفكير وهو موضوع لغوي شيق ومثير

Does Language Shape How We View the World?

Does Language Affect Thought?

مارأيكم أنتم؟

أتعرفون اسماً لهذي الظاهرة؟ أهي شيء حقاً أم مجرد مبالغة في التفكير من جانبي؟

ألاحظتو هذا الأمر من قبل؟ حكوني…