(إنى أجد فى الرسم اليابانى الكثير من الطفولة والعفوية وأجد فيه أيضا دليل أصالة إبداعية. ولشدة إرتباط اليابانيين بفن الرسم يرددون مثلا قديما بما معناه القصيدة الشعرية ليست سوى لوحة تشكيلية أضيف إليها الصوت.واللوحة الفنية ليست غير قصيدة بلا صوت) – فان جوخ
في جزيرة بأقصى الشرق، وحيدة تقبع بعيداً عن باقي أراضي الدُنيا، مُحاطة بالمياه من كُل جانب تعيش الخوف والهلع من الزلازل والفياضانات والسهول،
وإن ابتعدت عن الجبال ومناطق القلقة الطبيعية احتصرتها أمواج المُحيط الهادرة للداخل من جديد، إلى أرض الخوف والموت والظلام
لكن هيهات هيهات ! فلطالما عرف الإنسان أنه وُلِد ليموت، وأن حياته ليست سُوى حُلِم وضع على حُلِم كاد أن يتحقق لحظة إستيقاظ
ومن هُنا، تفتحت العقول، فطفق الإنسان يبحث عن أشكال حياة أجمل وأسرع زوالاً منه.
وروداً تتفتح في الربيع ببهجة، وعندما تكتمل دائرة جمالها الكاملة تسقط ذابلة مودعة الدنيا بكامل زينتها وأناقتها.. حياة قصيرة، جميله ومليئة بالمسرات
هذه حياة زهرة و حياة شعب أزدهرت ثرواته في عصر الأمان والإستقرار
ukiyo-e أوكييو-إه
“Living only for the moment, savoring the moon, the snow, the cherry blossoms and the maple leaves,
singing songs, loving sake, women and poetry,
letting oneself drift, buoyant and carefree, like a gourd carried along with the river current.”
اليابان كأي دولة تعرضت للكثير من الحروب الداخلية والصراعات قبل أن تتوحد في ظل راية واحده.
الأمر المُختلف هُنا أن توحد الدولة بعد سقوط عاصمتها الدينية “كيوتو” كان بداية لعصر فني مُذهل، ورخاء إقتصادي لم يمر به أفراد الشعب منذ قرون طويله!
في حكم نوبوناقا وهيدوشي راعي الفنون من قبله إنتشر فن سُمي ب”ukiyo-e” أو“صورٌ من العالم الطافي” حيث بدأ الناس في ظل الرخاء بسلوك حياة اللهو واللعب
هذه الكلمة اليابانية أُشتقت من كلمة uki-yo“ أوكي=التعاسة“يو=الحياة” أي الحياة التعسة للإنسان
“هذه فكرة بوذيه تشرح معنى وجود الإنسان”
لكن احد الصايعين كما أسميه قام بدمج الكلمتين وإضافة مقطع e ليصبح معناها مغايراً بطريقة هزلية ساخرة “صور الحياة الطافية بسعادة في مجرى النهر“ ولكأني ألمحهُ يكركر!
هذا التغيير في مفهوم الفن أعطى الكثير من الرسامين الإلهام ليبدأو برسم مايبهجهم في هذه الحياة، فرسم الحياة اليومية والمشاهد الطبيعية الفاتنه وحتى فتيات المُتعة والغيشا جذب إهتمام سُكان إيدو “طوكيو قديماً”، فتوافد الكُل لشرائها وتعليقها في منازلهم أو شُرفات البيوت.
وكان الغني من يطلب الصورة مطبوعة على قماش حريري أو ورق فاخر ليعلقها في غرفة الشاي أو غرفته الخاصة
المُمتع في هذا الموضوع أنه بالرغم من الإقبال المتزايد على هذا النوع من رسمات المُتع اللحظية فإن سوقها لم يبور أو يكسد! فالسكان المهووسين بالجمال يسأمون بسرعة ويسعون إلى تجديد صورهم المطبوعة تبعاً لتغير حالتهم النفسية أو المناسبات الخاصة أو حتى تبعاً للفصول المُتعاقبة
نحنُ هنا نتكلم عن شعب يُقدس الفن بأدق تفاصيله، شعب يقف أما يعسوبة طائره تحت ضوء القمر فيظن أنه برؤيته لها أمتلك شعاع سحرٍ قد ينقله إلى مكان آخر، حيث الجمال هو كُل شيء فيه .
طبعاً لتفهمون أكثر هذا الفن لازم أوضح نقطه غريبه أولاً: في اليابان القديمة أو عصر إيدو لم يكن هُنالك شيء أسمه“ لوحات” أو رسمات أصلية
فعندما يقوم أحد الرسامين ب”رسم” أو “تصميم“ مشهد ما، يُسلمه لنحات يقوم بدوره في نحت قوالب خشبية خاصة للطباعة. حيث يكثر عدد هذه القوالب ويتعقد بمدى تعقيد الصورة نفسها أو سهولتها!
ويجدر أن أضيف نقطة أُخرى مُهمه وهي أن النحات عندما يريد نحت صورة ما فهو يقوم بوضع الرسمة الأصليه على الخشب ويثبتها بواسطة صمغ معين “مثل عملية الديكوباج” لينقل الرسمة إلى السطح، ثم يمزق الورقة ويبقى التصميم على الخشبة، وهذه الطريقة تسبب في إتلاف القطعة الأصلية أو الرسمة الأصلية للفنان وكل مانعرفه عن الرسمة هو هذه القوالب الخشبية التي نُحتت منها ! أما عن الكيفية فهذا مايشرحه المقطع التالي :
فيه دق عود ياليت تكتم الصوت :$
شفتو كيف رايح جاي بالورقه؟
أولاً يبدأ في وضع اللون على الخشبة وبالعادة يبدأ بالألوان الباهته أو الأقل عتمه، وشوي شوي يزيد لون ع الخشبه ويحط الورقه يضغط عليها لتثبت وهكذا دواليك حتى تنتهي الرسمه
المرعب في الأمر أنه لو أخطأت في عملية الضغط أو توزيع الألوان بتروح عليك الرسمة كلها ومافي أمل تتعدل
وشوفو هالشايب ياحبي له فاتح بيته معرض ويعلم العالم
حاط لوحه في المدخل (هالمحل يفتح لما أقوم من النوم ويصكر لما أمل أو أنام)
The Great Wave off Kanagawa 神奈川沖浪裏
كل الكلام اللي فوق مقدمة لموضوعنا الحقيقي وهو هذه اللوحة
قبل أن نبدأ لابد من أن هذه الموجة البحرية قد مرت علينا مئات إن لم يكن آلاف المرات!
فقد تجدها كأعلان أو مختبئة في خلفية أحد اللوحات في دراما\أنمي أو حتى دعاية ليس لها معنى < فيه دعايه عن خيول تطلع من الموجه وأن الرجال يركضون بينحاشون لكن هيهات الخيول أسرع
هذه اللوحة أو تصميم هذه الرسمة أتت من الفنان Katsushika Hokusai ..
من أعظم فناني اليوكيوآي في تلك الفترة، هذا الرجل بدأ حياته عصامياً ككل من أفاد الجنس البشري.
أتى من عائلة تصنع المرايا، بدأ عمله في نحت قواطع الخشب للمنازل ثم مساعد رسام بعدها طابع صور ثم ظهرت موهبته بسرعه في الخامسة عشر ليصبح مُصمم صور .
معظم أعماله “خلوها مستوره بس “. لكنه في نفس الوقت رسم صوراً تمثل الطبيعة بشكل مُذهل ودقيق ورائع!
لديه مقولة مشهوره بعد أن بدد حفيده كُل ثروته فعاد إلى مجال الرسم (توقف قبل ذلك لإكتفائه مادياً لكن حفيده فقره). كان دوماً يبحث عن تلك الرسمة الكامله في عناصرها، حيث تُكَوِنْ ضربة الفرشاة حياة مُنفصلة بنفسها .
مقولته المشهورة التي تتبع ذكره دوماً هي :
( لقد تولاني جنون عجيب منذ أن كُنت في السادسة من عمري برسم كُل مايصادفني من الأشياء كائناً ما كان، فلما بلغت الخمسين كُنت قد نشرتُ عدداً من آثاري التي لم أطمئن لأي منها إطمئناناً تاماً.
ولم يبدأ عملي الحق إلا حين بلغتُ السبعين، وهاأنذا الآن في الخامسة والسبعين، وقد استيقظ في نفسي حُب الطبيعة بمعناها الصحيح، وآمل أن أظفر عن الثمانين بقوة من إدراك البصيرة يظل ينمو معي حتى التسعين.
فإذا مابلغتُ المائة كان لي أن أقرر بثقة أن إدراك بصيرتي أصبح إدراكاً فنياً خالصاً، ولو وهبتني الآلهة أن أعيش حتى العاشرة بعد المئة كان رجائي عندئذ أن يشع من كُل خط أُسطره بل من كُل نقطة أخطها حياة تُبث فيها “
ثم وقعها بهذه الجملة الطريفة(كتبها هوكوساي في الخامسة والسبعين من عمري، أنا الرجل الكهل الذي جُن بتصوير الطبيعة )
يراودنا الآن سؤال وهو: لماذا رسمت هذه اللوحة؟ وماذا تعني؟
أولاً هذه اللوحة هي واحدة من سلسلة لوحات تُسمى (ثلاثة وستون منظراً لجبل فوجي المُقدس) .
لما تركزون في هذه اللوحة ستجدون الكثير من المفاجئات فيها !
أولاً: طريقة الرسم و وضعية الجبل والقوارب، رسم الموجات الهادرة نفسها وحتى مزحته في رسم جبل فوجي على شكل موجه بالزاوية اليسار !
سوف أحاول تلخيص هذه الرسمة بسطور قليلة وصدقوني أن كلامي كله لا يؤدي للرسمة حقها البته.
بداية هذه الرسمة كانت بتأثير كبير من تسرب الفن الأوروبي إلى اليابان، فالكل يعلم كيف أن اليابان مُنغلقة على نفسها تماماً، والمنفذ الوحيد لها للتواصل مع العالم الخارجي هو مرفأ ناغاساكي وبذلك تعرف رسامنا على الأسلوب الأوروبي في الرسم بالألوان الزيتية ونقل الطبيعة تماماً كما هي.
هذا الأسلوب ألهمه كثيراً في تصوير الطبيعة كما خُلقت، ولنقل أنها السبب في تحويل أسلوبه الفني المتغير أصلاً
كما أنه كان يحتاج إلى موضوع يجذب إنتباه المُشتري المتطلب كثير الشروط مُتقلب الهوى! فرسم الغانيات و النساء الجميلات يحتله أكثر من 400 رسام آخر وناشريهم، وليجد مكاناً له في السوق فقد كان يحتاج إلى موضوع جديد لم يتطرق إليه أحد من قبل، أو من ناحية أخرى أن ينظر لموضوع ما بطريقة تشد إنتباه الزبون ( لنوازن الأمر الآن بحرب المانجا والأنمي والجوده المتدنية مقابل إنتشار الفان سيرفس)
لذلك خرجت لنا فكرة الثلاثة وستين مشهداً من جبل فوجي. الفكرة نفسها ليست مميزه أو غريبة!
فجبلٌ مقدس كجبل فوجي لابد أن يكون رُسم مئات المرات !
هُنا تأتي الأفكار المتميزة، فهوكوساي قام برسم الجبل لكن ليس كجبل، بل كجزء من حياة البشر اليومية، وإني لأراه كالحامي لهم يرقبهم من بعيد ويباركهم في أعمالهم
فرسم لنا المُزارعين، والصيادين وسُكان المدن وهم يمارسون حياتهم اليومية بهمة ونشاط والجبل واقفاً بشموخ في إحدى زوايا الصورة. كإسقاط لبركته، أو تشبيه طريف لوجوده في كُل مكان أينما يممت شطر وجهك
**
“الفكرة” تختلف بحسب الشخص المشاهد للصورة، فالإنسان العصري “ نحن الآن” نراها كتحدي بين البشر والطبيعة..
نرى الموجة تقترب بشراسة لتلتهم الصيادين الذي يجاهدون للبقاء في مراكبهم، وكيف تُطبق الموجة عليهم ولكأن أطرافها بمخالب حادة جاهزة لتقطيعهم وقتلهم!
نراها كجدال أبدي بين قوة البشر وقوة الطبيعة. أو حتى مثال بسيط لقِصر حياة الإنسان وكيف تنتهي بأغرب الأسباب وأقلها توقعاً
اليابانيون في تلك الفترة رأوها كشجاعة صيادين يسيرون في مراكبهم بسرعة،غير عابئين لشراسة الموجة لأنهم عقدو صلحاً وسلاماً معها (؟) فهم الآن بسرعة مراكبهم يتجاوزونها ليعودو إلى بيوتهم !
أما بالنسبة للتنفيذ:
فهذه اللوحة أتت بعد مشوار طويل ومستمر من رسم الموجات المختلفة !
هيكوساي كان شغوفاً بأمواج البحر، ونرى هذا بشكل واضح وكبير في معظم رسماته! سواء كانت موضوعاتها عن البحر أو مجرد تصوير لحياة المواطنين العادية
من هذه الرسمات التي توضح لنا هوس أو *محبة* هوكوساي للموج هذه اللوحة وعنوانهاEnoshima shunbo:
نرى مجموعة نساء وتاجر يحملون بضائعهم ويتجاذبون أطراف الحديث أمام الشاطئ، بينما خلفهم البحر بموجاته الصغيرة ولكأن الرياح ترغب بمشاطرتهم حديثهم و ثرثرتهم اليومية
كما لو تركزون شوي تلقون الموجة بداية مبسطة لموجة كاناقاوا! فالخطوط برغم سلاستها توضح أن الرسام غير معتاد على رسم الموجات الكبيرة النصف ساقطه، الخط مائل لكنه ليس ميلاناً مثالياً، كما أنه يبدو من بعيد كأنه خط مستوٍ وهو ليس كذلك أيضاً!
نرى في الجزء الخلفي من الصورة الشاطئ هادئ بدون أي موجة تكسره، فهوكوساي هنا تعمد رسم الموجات النشطة أمام عيني المتابع مباشرة لتأسره كما أسر الحديث هؤلاء النسوة وأوقفهن عن العمل مؤقتاً ليثرثرن
أيضاً نرى جمبل فوجي من بعيد في الجزيرة المقابلة، وهذا يوضح لنا كيف أنه يمكن مُشاهدة هذا الجبل العظيم من معظم أجزاء اليابان الشرقية تقريباً
وجود هذه الحقيقة فقط قد توضح لنا مدى محبة وتقديس اليابانيين لجبل الآلهة هذا، كما أنه يوضح لنا لماذا رغب هوكوساي وناشره في أن ينشرا سلسلة الرسومات المطبوعة(ثلاثة وستون مشهداً لجبل فوجي)
هوكوساي في هذه الرسمة بدأ بتطبيق مفهوم الأبعاد الغربي الخاص برسم الصور.. فبدلاً من أن يرسم بعداً واحداً أو بعدين قام بتقسيم الصورة إلى دوائر ومثلثات كما في الصوره:
هذه التقسيمات نافعه جداً ومهمة! فالمتابع يستطيع أن يقسم الرسمة طبقاً لها ويحولها إلى ثلاثية الأبعاد @ــ@!
كما نرى فإن اللوحة ليست بمجرد ألوان وخطوط مدموجة، بل هي نتاج دراسة معمقة وفكر نافد ..
سبعون سنة من الرسم المتواصل أنتجت رسمة بهذه الدقة والعمق، فما بالنا لو طال أمد حياته عشرون سنة أخرى؟!
عندما نرى الرسمة فأن أول مايجذب أعيننا هو هذه الموجة بأطرافها الشبيهة بمخالب القطط المستعدة للإنقضاض على فريستها
هذه الموجة وأطرافها العجيبة “حقيقة” ! والله صدق لو تفتحون فيديو موجات البحر ركزو بجزء من الثانيه قبل أن تنكسر الموجة تكون أطرافها كذا سبحان الله .
بعض النقاد قال أن هذه الموجة عبارة عن “ موجة تسونامي”، لكن الأمر مختلف، فالتسونامي موجة تتكون من أعماق البحر أولاً بعدها ترتفع فوق سطح البحر وهي أشبه “بجدار مائي”!
هذه الموجة هي موجة إهتزازية أو موجة تكونت بفعل الرياح!
خلوني أقرب لكم السالفه شوي:
لما نروح إستراحه بها مسبح ونطب جميعاً نتسبح، دايماً فيه ذاك البزر النشبه اللي يتربع بزاوية المسبح ويجلس يرتفع وينزل يرتفع وينزل عشان يكون أمواج ويخرب علينا حركات الغوص والطبه المنسدحيه النائمه
أبد هذي هي موجة كاناقاوا بس بنسخة سعودية مصغره 😀
مثل ماتشوفون هنا جبل فوجي من بعيد، وكأنه في الجزيرة المقابلة
( هناك سؤال دار في ذهن العديد، وهو مادور المشاهد، أين يقف المصور \ الرسام خلال هذا المشهد ؟ أنحن على قارب آخر ؟ في شاطئ جزيرة ما ؟ فوق جبل بعيد ؟ أظن أن هذا أحد أسباب شهرة لوحاته، فالمشاهد يقف دوماً على مبعدة من المشهد، لكنه بطريقة ما يكون قريباً جداً بحيث يلحظ الحياة اليومية بشكل واضح تماماً )
أيضاً نتف الثلج المتساقطة، أنحن في أول الشتاء أم ببداية الربيع ؟!
القوارب التي تجاهد بوسط الأمواج العاتية، ماذا عنها؟ أهم صيادين؟ بحارة أو مجرد مسافرين أوقعهم حظهم السيء وسط عاصفة عاتية؟!
هذه الأسئلة يضعها ويجيب عنها هوكوساي بطريقة ذكية
فلو قلنا أن القارب لصيادين فسنتسائل ماذا يصيدون؟ الشبكات غير موجودة كما أنهم يحملون العصي ؟
لماذا ستة عصي؟ لو بس بيبحرون كان لكل واحد عصا واحده للتجديف؟!
هنا يصور لنا هوكوساي مشهداً مألوفاً لسكان إيدو في تلك الفترة، فالبنظر إلى القوارب سنكون تحت إحتماليتان (صيادون عائدون إلى بيوتهم، أو صيادون يصطادون سمكاً)!
السمك المصطاد هو سمك التونة، أو أول وفد من السمك، فبأوائل الربيع تأتي أسراب سمك التونة إلى البحر من المحيط، ولغلاء أسعارها فإن الصيادين يخاطرون بحياتهم لصيد أول السرب الذي تبلغ أرباحه مايعادل ربح سنة عمل كامله
ولذلك نرى في اللوحة الصيادين -مدنقين- على البحر ممسكين بالعصي ليكفخون السمكه حتى تطير وتسقط داخل القارب !
إذاً فإن هذه الرسمة تشير إلى بداية الربيع، بداية فصل الساكورا والمتعة اللانهائية .
بالرغم من وجود الثلج والعواصف والأمواج العاتية، فإن الصيادون هنا يعيشون للحظة المجد، مغمورين بأفكار الثراء السريع والكنز الذي تقدمه لهم المياة العاتية غير عابئين بجبروتها وسطانها
هذه الفكرة التي تحملها اللوحة تقدم لنا فن اليوكيينو إه ببساطة وبتجرد مبسط! التمتع بالحياة وإن كان عزرائيل يطرق الباب
لكن بملاحظة بسيطة نجد أن النظرية السابقة خاطئة أو غير صحيحة !
فالبنظر إلى الخريطة فالصيادون لا يتجهون نحو سوق السمك بل بالإتجاه المعاكس!
هُنا تبرز عبقرية هوكوساي فهو كياباني يعرف أن أسلوب الكتابة المتبع “من اليمين إلى اليسار” يؤثر بشكل كبير في طريقة رؤية المشاهد للوحة!
فمن الصعب أن يشد إنتباه الزبون إن كانت الموجة يمينا! ستكون بطريقة ما أقل بروزاً وجاذبية للعين
لذا ببساطة، رسم رسمته ثم قلبها لتكون الموجة يساراً حتى تكون أول عنصر يشد إنتباه الزبون وبكذا يربح قرنقش أكثر – وفي نفس الوقت يسوق ماده فنيه جديده لا ينافسه عليها رسامي إيدو ;p “
أيضاً تبرز خفة دم هوكوساي لما رسم نسخة أخرى لجبل فوجي !
فبدلاً من أن يملأ البحر بالأمواج العاتية، قام ببساطة برسم جبل فوجي كموجة في الزاوية السفلية للصورة لتبرز وكأنها دعابة بسيطة غير متعمدة ولا يفهمها إلا سُكان الجزيرة الأصلية الذين يرون هذه الزاوية من الجبل دوماً فوق مزارعهم
طبعاً عمل النقاد هو إستخراج شيء من لاشيء !
شخصياً أظن أن شغف هوكوساي بجبل فوجي وبالأمواج تم دمجه ببراعة في هذه الزاوية!
فهو يقول بأنه إن كان الجبل مُقدساً لأهل المُدن والبر لدرجة عظيمة ليكون جبل الآلهة، فالأمواج أيضاً مقدسة لأهل الشواطئ لأنها أيضاً مصدر للآلهة(هناك أسطورة تقول بأن آلهة عظيمة على شكل حوت عملاق تسكن تحت جزر اليابان، وأنها إذا أنزعجت أو أُوذيت من البشر تهتز وتتحرك مما يسبب العديد من الزلازل والفياضانات ، هذا تفسير بدائي لكثرة زلازل اليابان وعدم ثبات الجزر)
هذا كله برز في هذه الزاوية! فالأمواج هُنا تحمل الموت والثروة كما يحمل الجبل بركاته وحممه في آن معاً!
هُنا كختام أحد الأشخاص في الإنترنت، أحب الموجة وكتب قصيدة تعبر عن جوها :
( )
Crash
Crash
The Foam
Circles Us.
The deep deathly blue
Looms like an enormous monster
Flaying out cat-like claws and ready to pounce on us.
We crouch in our boats like turtles
Thrusting forward on
Spearish points
Aimed at
Its
Gut.
( )
المصدر : هُنا
الترجمة مبسطه مني للي مايقرون إنجلش :
( )
إصطدام
إصطدام
و زبد البحر
يُحيط بنا..
زُرقة الموت الناقعة
تُزهر كوحش قاتل
و تلك المخالب النافذة كمخالب القطط تنتهز الفرص لتُجهز علينا
تتصادم قواربنا بالأمواج كالسلاحف
نندفع للأمام
تحدق بسهامها
مصوبة
نحو
أحشائها
( )
(آخر ثلاث سطور توضح كيف أن الموجة تنكسر ورغوتها تبدو كسهام حادة تقتل البحر الذي كونها من الأساس).
هذه التدوينه هي ترجمة سريعة جداً وشرح مبسط لفيديو من قناة BBC يتحدث عن موجة هوكوساي بشكل مفصل مع عدة مصادر بسيطة. لمن يحب أن يشاهد الفيديو بدلاً من القراءة :
– المقطع يتكون من 5 أجزاء –
*
*
*
مصادر إضافيه :
أرشح وبشدة أن تقرأ هذه المقالات لتتتعرف أكثر على هوكوساي وعلى موجته كذلك! ترجمة المقطع وتبسيطه لا يعطي اللوحة حقها حقاً، اعتمدت التبسيط الشديد جداً، لذا أنصح بقراءة هذه المصادر الخارجية ^^
بين الأدب والفن والنفس : تحت موجة كاناغاوا للفنان الياباني هوكوساي
جريدة الراية : هوكوساي مايسترو الطبيعة اليابانية وأستاذ الانطباعية الأوروبية
تدويناتك رائعة بل اكثر من رائعة و انا دائما اتابعك بصمت لكن حبيت اوصل احترامي و اعجابي و تقديري لك
ما شاء الله عليك اسلوب و مواضيع مميزة و موهبة فذة الله يحفظك و كل مرة اتعلم منك شئ جديد و دائما مواضيعك تشدني خاصة اللي تتعلق بالثقافة اليابانية .
استمري يا بطلة
بإنتظار تدوينتك القادمة فلا تتأخري علينا عزيزتي ^^
دمتي بخير ^^
موضوع جداً رائع وملهم أحببته جداً
طريقة سردك جميلة و ممتعة ^^
وبالنسبة للرسم والتلوين من يشاهد المقطع يرى من بعد سهولة تلوين وبساطة لكنه في الحقيقة ذو دقةٍ متناهية ونسب معينة لتظهر تناسق الألوان وطبيعتها
أحب أشاهد اللوح ذات المعاني والألغاز والدقة
تماماً كلوحة أمواج كاناقاوا .. احب لمسات اليابانين أكثر في الرسم من الأوربيين أجد لديهم بساطة ذات معنى وتناسق جميل اتمنى أن أقتني يوماً ما أخد تلك اللوحات الجميلة بنفس طريقة التلوين هذه *^* سأكون بقمة السعادة ..
لديك حسّ فني جميل و مدونة أجمل دائماً ما أتابعها ^^ شكراً لك لمشاركتنا هذ الفن الجميل ❤
هنو ، @MissHanoOo
إقتباس أحببته ،،
“لكن هيهات هيهات ! فلطالما عرف الإنسان أنه وُلِد ليموت، وأن حياته ليست سُوى حُلِم وضع على حُلِم كاد أن يتحقق لحظة إستيقاظ”