52 تدوينه خلال 2012 · anime & manga

Paprika パプリカ .. أحلام الواقع، وواقع الأحلام

بالطبع أنا لا أقصد فاكهة الفُلفل هُنا، بل أقصد فلم أنمي مُذهل من إخراج المبدع الشاب ساتوشي كون الذي قدم لنا روائعه السابقة Tokyo Godfathers و Millennium Actress وغيرها من أفلامه ومسلسلاته الرائعه الموغلة بإبحارها في النفس البشرية وتفاعلاتها النفسيه مع محيطها الخارجي الضاغط ..

Type: Movie
Episodes: 1
Status: Finished Airing
Aired: Aug 2006
Duration: 1 hr. 30 min.
RatingR+ – Mild Nudity
.
.
الأحلام، بوابة الدخول  المجهول، العالم الأقرب إلى  الغيب والإتصال بالآلهة العالم الذي تعتبره جُزء منك، لكن بإرادته الخاصة التي لا يمكنك التحكم فيها.
اعتبر فرويد الأحلام عالم تقع فيه أحداث حرة خارج قيود وحدود الزمان والمكان، هي نتاج عمليات نفسية لاشعورية، فالبطل صاحب الحلم يخضع لتحولات سحرية ويقوم بأفعال خارقة هي انعكاس لرغبات وأمانٍ مكبوته تنطلق من عقالها وتتحرر في عالم الأحلام .. بعيدة كُل البعد عن رقابة العقل الواعي الذي يمارس دور الحارس على بوابة اللا شعور.
في هذا الفلم سترى أيضاً الكثير من التحررات النفسية، المشاعر المكبوته في أعماق العقل اللاواعي، أفكار اختضبت ونمت بداخلك دون أن تنتبه لها كحشائش ضارة.

القصة :

يتحدث هذا الفلم عن المستقبل القريب، حيث يتمكن مخترع عبقري من بناء آلة تُمكن صاحبها من الدخول إلى الأحلام وتسجيلها “دي سي ميني”، يقول هذا المخترع وفريقه بإستغلال هذا الإختراع لمناقشة وعلاج الأمراض النفسيه التي يتعرض لها المرضى
لكن منعطف حاد يحدث في منتصف القصة، فهذا الجهاز يُمكنك من “الدخول إلى احلام الغير ومشاركتها” وفي نسخته المحسنه التي يتم تطويرها فسيتم في المستقبل القريب للفرد أن يرى أحلامه دون الحاجة إلى فعل “النوم” الوسيط الذي كان ولازال دائماً أهم شرط لمقابلة هذا العالم الميتافيزقي الغرائبي.
مُشاهدي الأفلام الغربية سيميزون الفلم مباشرة ! إذ أن الفلم الشهر inception استلهم “كما أعتقد شخصياً” فكرته الأساسية من هذا الفلم المُذهل !
الفرق بين انسبشن وهذا الفلم هي الأجواء والعمق الفلسفي، فالقصة الأمريكية أقتصرت على “جانب” واحد من الجوانب التي ذُكرت في النسخة الأنميه، وهي الطابق الأسفل، الخوف الأكبر، الفكرة التي دمجت الواقع بالخيال والشخصية الرئيسية التي خانت نفسها دون أن تشعر بذلك !
شخصياً لا أعطي الفلمين أي مجال للمقارنة، لأن الفرق شاسع إن استثنينا الفكرة الأساسية : ) وبالطبع أنصح بمشاهدة الفلمين ^^

الشخصيات، وأزمة هوية :

تبدأ القصة بهذا المشهد الغريب، محقق يبحث عن مجرم هارب في سرك ما، ليجد نفسه بعد لحظة بمواقف عجيبة، فلقد أنتقل بلمحة بصر إلى قفص طائر عملاق، وكل أولئك الناس الذين يركضون نحوه عبارة عن نسخٌ مكررة منه ..

الكثير من مشاهد “ الأنا الأخرى” تجدها في هذا الفلم، بالطبع سأحاول التحدث دون أن أحرق القصه على من يريد مشاهدتها.

هُنا نرى الشخصية تركض، في عدة أوجه، وملابس، وبطريقة غريبة جداً، فتارة مهرج و رجل يرتدي فستاناً وطالب ثانوية وشاب وفتاة إستعراض ومهرج صغير متعثر في خلفية المشهد أدى لتعثر شخصية ثانية

هذه الوجوه المتعددة لنفس الشخص ترن جرساً بداخلنا، وهي أن الإنسان ليس ب”شيء” واحد، هو ليس مادة صافية لا شائبة بها، بل عبارة عن خليط يتعجن مع بعضه طوال حياة الفرد حتى مماته، ليتكون كُل مره بشكل مختلف عما قبله، أن يكون ناتج العجين مُتماسك وجيد أم لا يعتمد تماماً على الخليط الذي يُسكب في العقل الباطن ويعجن ليظهر في الشخصية لاحقاً.

من أنا، وأي جزء وخصلة مني تُحدد هويتي ؟!

طُرح هذا السؤال كثيراً خلال المشاهد، فالشخصيات هُنا جميعها بلا إستثناء تُعاني أزمة ما، بعضها مخفي جيداً وتقبلته الشخصية حتى عاشت بتناغم معه وبعضها سيطر عليها وحولها إلى مسخ مشوه لا يجد العنصر اللازم ليُركب جزيئات وجهه الناقصة.

نرى هُنا إستطرادات كثيره لمشاكل البشر وذكرياتهم، حلوها ومرها، وكيف أنها قامت بتغيير الشخص على مر حياته، فمهما كُنت مشهوراً وناجحاً وسعيداً، فلابد لحياتك أن تحوي محطة أو اثنتين ضيعت بها نفسك التي تطمئن إليها.

التقنية والمبادئ الأخلاقية:


ونعد لمحور نقاش دارت حرب رحاة طويلاً بين الفلاسفة والعلماء، فماهي التقنية، وماهي آثارها الأخلاقية المؤثرة على المجتمع البشري ؟

كيف لأداة بسيطة ولا تكبر راحة يدك أن تقلب المفهوم الأخلاقي لمجتمع كامل بشكل درامي وسريع !

فلطالما تخوف الأفراد والشعوب من تلك الإختراعات الجديدة، تلك الأفكار التي تقلب حياتهم رأساً على عقب وكأن الشيطان أمسك بيد صانعها ليرسلها وبالاً من مصائب جديدة على مُستخدميها.

هُنا نرى الرئيس، رجل في السبعين من عمره أو أكثر، يُمثل الأفراد المتخوفين من التقنية الجديدة، أولئك الأشخاص الذين يخافون من أن تنهار قيم المجتمع على رؤوسهم بسبب دخول عنصر غريب لا تتعرف عليه أنظمتهم الحساسة للتجديد

هذا الخوف الغير منطقي والامبرر للتجديد قد يقلب أكثر الناس الصادقين المؤمنين بالأخلاق والإستقامة إلى متطرفين وإرهابيين يقمعون كُل أساليب الحياة خوفاً من تغيرها للأسوأ.

الخوف من التجديد، والخوف من مقابلة خطايا الماضي التي لم تكن لتكون خطاياً إلا لكونها ارتبطت بأحداث قدرية لاحول للشخص فيها ولا قوة.

الكثير من المحاور نوقشت هُنا، والكثير منها طُرحت هُنا وهناك كرذاذ لطيف من الأفكار الإجتماعية اللطيفة ليناقشها عقلك اللاواعي مع أصحابه المكونين لذاتك قبل أن تُغلق شاشة الجهاز وتظن أنك “ أنهيت الفلم”

بينما في الواقع أنت وأنت الآخرين تظلون في مناقشة مُحتدة لما يدور من أحداث، فأي من أنت الذي يقرأ مقالي الآن ؟! وأي واحد منك سيسطير على جسدك هذا ليمضي بك إلى المستقبل، أو يغرق في دوامة الماضي السحيق المُغلق خلف أبواب النسيان الموصدة ؟

فلم رائع وجميل، فلم ملهم، فلم يحمل الكثير من الأفكار والمبادئ والمعتقدات، سترى الكثير منك هُاك، والكثير من الشخصيات التي كُنت تظنها جزءاً منك قبل أن تتحرر وتختفي، أو تندمج ببعضها ..

تقييمي الشخصي 10\10

أفلام سوشي كون تحملك دوماً لعالمها الخاص مُبحرة بك في فكرها الخاص

 

 

3 آراء على “Paprika パプリカ .. أحلام الواقع، وواقع الأحلام

  1. فعلاً، إنتاج ساتوشي ملهم ومميز جداً، فقد عالم الأنمي شخصية يصعب تكررها .. بابريكا أول ماشاهدت له، وربما الأفضل حتى الآن، رائع، جلت وسرحت في أفكاري كثيراً بعدما شاهدته، والكثير من المشاهد الرمزية، والأفكار غنية وذكية.
    ما رأيك بقصة المحقق، هل استوعبتيها بشكل كامل؟ أتمنى لو تتحدثي عنها لأنني تهت قليلاُ فيها .
    قراءة جميلة ..

    1. جميل جداً !
      مايعجبني في إنتاجاته هو دمجه “الواقعي” للخيال xD أظن أنه عكس ميزاكي حيث أن ميزاكي يبث الحياة في العالم الخيالي ويجلبه إلى المشاهد، بينما ساتوشي يُقدم لك الواقع مُجرداً لكن بقالب خيالي تؤمن أنه “قد” يحدث لك يوماً ما أو لأشخاص تعرفهم! xD

      قصة المحقق قصه صراحة، بدأ الفلم بحلم المحقق المتكرر لجريمة القتل صحيح، حيث أنه يشاهد ظِل الضحية يسقط وحالما يقترب من القاتل تموج به الغُرفة ويستيقظ من النوم، ويعاد هذا الفلم مراراً وتكراراً…
      في الحقيقة القصه كُلها قائمه على هذا الحلم ! فهو اللغز، والحل، والتلميحات التي أدت للحل نفسه!
      فالمحقق كان يقف أمام عتبة كبيره في حياته، وهي قضية قتل شائكه، لكن هذه القضية تلمس وتراً حساساً في عقله الباطن، إذ إنها تُعيد ذكريات حدث صار من أمد بعيد، فتبدأ سلسلة الأحلام العجيبة هذه.
      طبعاً كُلما تعمق المُحقق في أحلامه كُلما أقترب من الإمساك بالقاتل الذي يهرب منه في النهاية، وكلما تعقدت أحداث الفِلم نفسه!
      فالأمر كُله يعتمد على لُغز “ من قتل الضحية؟”
      ولماذا أصبح هو القاتل بالنهاية؟ ببساطة لأنه مر بنفس تعقيدات القضية التي أرقت مضجعه، هي الأخرى “عتبة يجب أن يتعداها”، لكنه كما يبدو لم يحاول الهرب كما فعل المرة السابقة، لذلك نشط تأنيب الضمير القديم الذي عاد إليه بهيئة كابوس مُتكرر في المنام.
      أظن أن معرفته للقاتل في الحلم “ والذي يكون هو نفسه عندما كان شاباً، أو رمز لهروبه الجبان من العمل المتكتل عليه في الدراسة” يترافق مع رضى المحقق عن نفسه ومسامحته لذاته وتصالحه معها، فهو يعرف أنه لا يمكنه أن يُغير الماضي، وماحدث مُجرد ذِكريات لا يستطيع التأثير عليها بعد الآن. عند هذه النقطه أظن أنه أصبح قادراً “أخيراً” على الإمساك بالقاتل، ومعرفة المقتول في نفس الوقت!
      إذ إن الأمر كُله يعتمد على كم “أنا” توجد بداخل كُل منا!
      رأينا أنه يوجد عدة “أنا” في ذات المحقق، ولو ركزت في مشهد السيرك سترى أن بعض ال”الأنا” التي تركض نحو المحقق تتعثر في بداية الطريق، وأخرى تُدفع من قبل “أنا” أُخرى، وبعضها تسقط حالما تصل حول القفص، هذه كُلها عبارة عن قطع من شخصيته التي تنمو بشكل مُستمر ومتتابع ومتغير طوال الوقت، فصفات تنمو وتبرز للسطح وأخرى تُبعد أو يحاربها المُجتمع من حوله، وقضية “الحُلم المتكرر” هي أناوات أخرى لكن ذات تأثير أكبر وأشد تأثيراً على حياته “ كما أظن ;p” ..

      نسيت أحداث الفلم صراحة لكن هذا ما أتذكره منه ;p

  2. سرقة من كريستوفر نولان كعادته , يجمع اجمل المشاهد من اجمل افلام وانميات العالم التي لم يتعب بها ويضعها جميعا في فكرة مسروقة , طريقة سهلة لمن كررها حتى الاحتراف

وما رأيك أنت؟

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s